الاستثمار في العملات الرقمية: من الصفر لفهم ما هي العملات الرقمية، وإتقان مفاتيح اختيار العملات

هل ترغب في دخول عالم الاستثمار في العملات الرقمية ولكن لا تعرف من أين تبدأ؟ العديد من المبتدئين يعلقون عند الخطوة الأولى — لا يعرفون ما هي العملات الرقمية، وأي العملات يختارون. بدلاً من اتباع الاتجاهات بشكل أعمى، من الأفضل أن تبني أساسًا قويًا أولاً. ستأخذك هذه المقالة لفهم جوهر العملات الرقمية، وكيفية اختيار الأصول الاستثمارية المناسبة لك بشكل علمي.

قبل أن تبدأ، عليك أن تعرف ما هي العملات الرقمية

العملات الرقمية (Digital Currency) هي نوع من الأصول الموجودة في العالم الافتراضي، تُستخدم لتخزين القيمة أو كوسيلة للتبادل. في عالم الاستثمار، نحن نتحدث عن العملات الرقمية المشفرة — وهي عملات مبتكرة تعتمد على علم التشفير وتقنية P2P، يتم إنشاؤها بواسطة برامج حاسوب، وتصدر وتنتشر عبر الإنترنت.

على عكس العملات الإلكترونية التقليدية (مثل PayPal) التي تديرها جهة مركزية، فإن العملات الرقمية لا مركزية، ولا يمكن لأي كيان واحد السيطرة عليها. ولهذا السبب، استطاعت عملات مثل البيتكوين والإيثيريوم جذب أنظار المستثمرين حول العالم.

وفقًا لأحدث البيانات، يوجد أكثر من 20,000 نوع من العملات الرقمية تتداول في السوق، ومتوسط حجم التداول اليومي يصل إلى مئات المليارات من الدولارات، ويزيد عدد مستخدمي العملات الرقمية حول العالم عن 300 مليون شخص. هذا السوق يمر بمرحلة نضوج سريعة.

تنقسم العملات الرقمية إلى معسكرين رئيسيين

العملات الرقمية المركزية: تصدرها مؤسسات أو دول، مثل اليوان الرقمي، PayPal وغيرها. هذه العملات لها جهة مركزية تديرها، وتخضع لرقابة في المعاملات.

العملات الرقمية اللامركزية: تُدار بالكامل بواسطة قواعد برمجية، وتشمل البيتكوين، الإيثيريوم، الريبل وغيرها. وهذه هي العملات المشفرة التي يشتريها المستثمرون ويشتركون فيها.

المقال يركز على النوع الثاني. حسب القيمة السوقية، يمكن تصنيف العملات الرقمية إلى ثلاثة مستويات:

• العملات الكبرى: ذات ترتيب مرتفع من حيث القيمة السوقية، مخاطرها منخفضة نسبياً، سيولتها عالية، وهي الأنسب للمبتدئين
• العملات المتوسطة: تتسم بتقلبات أكبر، لكن لديها إمكانيات نمو أعلى
• العملات الصغيرة: سيولتها ضعيفة، عرضة لارتفاعات وهبوطات حادة، وتتميز بمخاطر عالية وعوائد مرتفعة

نظرة عامة على العملات الرقمية الرائدة حاليًا

إليك أكثر العملات الرقمية قيمة (البيانات محدثة حتى ديسمبر 2025):

هذه هي العملات ذات السيولة والأكثر نشاطًا في التداول.

كيف يختار المبتدئ؟ مبدأ أساسي يجب أن تتبناه

اختر العملات الكبرى أولاً، وابتعد عن العملات الصغيرة.

الكثير من المبتدئين يطاردون “عملات العشرة أضعاف”، وفي النهاية يقعون في فخ العملات الاحتيالية أو العملات ذات القيمة السوقية المنخفضة. إليك اثنين من القواعد التي يجب أن تلتزم بها:

لا تتعامل مع العملات ذات القيمة السوقية الصغيرة، خاصة تلك التي تتجاوز ترتيبها الـ100. هذه العملات تتسم بتقلبات حادة، وقد تتصفى في أي لحظة، مع خطر فقدان رأس المال بشكل كبير.

لا تثق في المشاريع التي لا تملك ورقة بيضاء، أو التي تكون فرقها غير معروفة، أو تعتمد على الدعايات والتضخيم. غالبًا ما تكون فخاخ لسرقة المستثمرين.

فما هي العملات التي تستحق التركيز عليها؟

1. البيتكوين (BTC) — الخيار الأكثر استقرارًا للدخول

كـ"المعيار الذهبي" للعملات الرقمية، يتمتع البيتكوين بمزايا طبيعية:

مستوى وعي منخفض. المفهوم بسيط، ولا يتطلب دراسة تقنيات معقدة، يمكن للجميع فهم أنه “الذهب الرقمي”.

سيولة عالية جدًا. أكبر قيمة سوقية، وأوسع قبول، تدعمه معظم البورصات، ويمكن الدخول والخروج منه في أي وقت.

اعتماد من المؤسسات. شركات كبرى مثل تيسلا وMicroStrategy أدرجت البيتكوين في ميزانياتها، مما يعزز مصداقيته.

أمان عالي جدًا. يعتمد على آلية إثبات العمل (PoW) وشبكة من العقد الموزعة، ولم يتم اختراقه عبر التاريخ، ويصعب التلاعب به.

خصائص التحوط. عند اضطرابات الاقتصاد وتدهور العملات الورقية، يُنظر إليه غالبًا كملاذ آمن.

للمستثمر المبتدئ، البيتكوين هو الخيار الأفضل للدخول.

2. الإيثيريوم (ETH) — توازن بين الاستقرار والنمو

الإيثيريوم يحتل المرتبة الثانية من حيث القيمة السوقية، وسعره الحالي حوالي 2,940 دولار، وقيمته السوقية 355.24 مليار دولار. لماذا يستحق الاستثمار فيه؟

البنية التحتية للنظام البيئي قوية. معظم مشاريع التمويل اللامركزي (DeFi)، والرموز غير القابلة للاستبدال (NFT)، والألعاب على السلسلة مبنية على إيثيريوم، مما يضمن طلبًا مستمرًا على المدى الطويل.

الترقية التقنية واضحة. بعد الانتقال من إثبات العمل (PoW) إلى إثبات الحصة (PoS)، زادت القدرة على التوسع وانخفض استهلاك الطاقة بشكل كبير، مما يعزز توقعات النمو.

سيولة كافية. ثاني أكبر بعد البيتكوين، وسهل على المبتدئين التداول به.

للمستثمرين الذين يرغبون في موازنة بين الاستقرار وإمكانيات النمو، يُعد إيثيريوم خيارًا جيدًا.

3. الريبل (XRP) — لها استخدام واضح لكن بحذر

تركز XRP على المدفوعات العابرة للحدود للمؤسسات المالية، وتتميز بتكاليف معاملات منخفضة وسرعة عالية (3-5 ثوانٍ)، وقد تم اعتمادها من قبل بعض البنوك. إذا توسع نطاق التعاون مستقبلاً، قد يرتفع سعرها.

لكن يجب الانتباه: مستوى المركزية فيها مرتفع، وقضية الدعوى القضائية من هيئة الأوراق المالية الأمريكية (SEC) لم تُحسم بعد، وتذبذب سعرها كبير. يُنصح بتخصيص جزء صغير فقط، وعدم الاستثمار بكثافة.

4. بينانس كوين (BNB) — فائز في منظومة البورصة

BNB سعره الحالي حوالي 846.30 دولار، وقيمته السوقية 116.57 مليار دولار. لماذا يراهن الكثيرون عليه؟

سهولة الشراء. يمكن شراؤه مباشرة على أكبر بورصة عالمية تدعم العملات الورقية.

سعر مناسب. مقارنة بالبيتكوين الذي يتجاوز عشرات الآلاف من الدولارات، BNB أكثر قبولًا.

وظائف متعددة. ليس فقط للاستثمار، بل هو “تصريح مرور” في منظومة البورصة. يمكن دفع رسوم المعاملات باستخدام BNB للحصول على خصومات، مما يوفر الكثير على المدى الطويل. كما يمكن المشاركة في شراء العملات الجديدة والحصول على حقوق أخرى.

مخاطر محسوبة. عملة المنصة تتمتع بسيولة عالية، ومن غير المرجح أن تجد صعوبة في البيع.

آلية داخلية تدعمها. تقوم البورصة بشراء وإحراق BNB كل ربع سنة، مما يقلل من المعروض ويؤدي إلى ارتفاع السعر على المدى الطويل.

تقلب أقل. خلال فترات السوق الصاعدة، تظهر العملات في منظومة البورصات استقرارًا نسبيًا، وهو مناسب للمبتدئين.

5. العملات المستقرة — أدوات أساسية للتداول

USDC (حوالي 1.00 دولار، وقيمته السوقية 76.58 مليار دولار) وUSDT هما عملتان مستقرتان مربوطتان بالدولار بنسبة 1:1. لماذا يجب أن يبدأ المبتدئ بهما؟

لا تقلبات. سعر ثابت، يتيح لك التركيز على تعلم استراتيجيات التداول بدلاً من الخوف من تقلبات السوق.

مكان للتدريب. استخدم العملات المستقرة للتعرف على عمليات التحويل، والشراء، والسحب، قبل استثمار أموال حقيقية.

أداة للتحوط. في فترات السوق الهابطة، يمكن تحويل الأموال بسرعة إلى عملات مستقرة لحماية رأس المال.

سريع في المعاملات الدولية. بالمقارنة مع التحويل البنكي، تتيح USDC/USDT تسوية فورية عبر الحدود، مع رسوم منخفضة.

نصيحة: اختر عملة مستقرة منظمة وشفافة (مثل USDC) بدلاً من العملات ذات العوائد العالية التي تصدرها منصات صغيرة، لتجنب المخاطر.

أربع مزايا رئيسية للعملات الرقمية يجب أن تعرفها

■ قواعد شفافة، وعدم وجود طباعة مفرطة

تُحدد قواعد إصدار العملات الرقمية بواسطة الكود البرمجي منذ البداية، ولا يمكن للمطورين تعديلها لاحقًا. هذا يمنع التضخم المفرط أو إصدار عملات بشكل عشوائي. الكمية محدودة، والقواعد ثابتة إلى الأبد.

■ أمان وشفافية المعاملات

نظام التوافق على الشبكة يضمن أن كل معاملة تحتاج إلى موافقة جميع المشاركين، وبعد ذلك تُسجل. الشفافية كاملة، ولا يمكن التلاعب بها، وتكاليف المعاملات منخفضة جدًا.

■ مرونة في التداول

يمكن تداول العملات الرقمية بحرية بين المستخدمين، دون قيود جغرافية، ويمكن ربطها أو عدم ربطها بالعملات الورقية. يمكنك حتى شراء منزل في اليابان باستخدام البيتكوين.

■ تكاليف معاملات منخفضة

تقنية دفتر الأستاذ الموزع (DLT) تزيل الوسيط، وتسمح للعقد المباشر بمعالجة المعاملات، مما يقلل التكاليف بشكل كبير. التحويلات عبر الحدود سريعة ورخيصة جدًا.

لكن عليك أن تحذر من بعض المخاطر

الانكماش الطبيعي

عدد العملات الرقمية ثابت، ولن يزيد مع النمو الاقتصادي. هذا الندرة يحمي القيمة، لكنه قد يضغط على النمو الاقتصادي.

تقلبات حادة في السعر

غياب مرساة ثابتة للقيمة، وأي حدث مفاجئ قد يسبب ارتفاعات أو هبوطات قوية. المستثمرون يواجهون مخاطر يصعب التنبؤ بها والسيطرة عليها.

مخاطر التخزين

نسيان المفتاح الخاص أو كلمة المرور يعني فقدان الأصول بشكل دائم، ولا يمكن استعادتها. هذا كارثة للمستخدمين.

الخلاصة: كيف تتبنى النهج الصحيح للاستثمار في العملات الرقمية

العملات الرقمية تمثل حقًا مستقبل التمويل — أسرع، أرخص، وأكثر شمولية. لكنها ليست أداة للثراء السريع.

على المبتدئين أن يتبعوا هذه النصائح:

1. ابدأ بالعملات الكبرى (البيتكوين، الإيثيريوم)
2. استخدم العملات المستقرة للتدريب، وتعلم استراتيجيات التداول
3. تنويع استثماراتك بمبالغ صغيرة، ولا تركز على عملة واحدة فقط
4. استمر في التعلم، وافهم خلفية المشاريع ودورات السوق
5. حدد نقاط جني الأرباح والخسارة، لإدارة المخاطر وليس الطمع

السوق سيستمر في جذب المستثمرين والتقنيات الجديدة. لكن من يربح دائمًا هم من يدرس جيدًا، ويسيطر على المخاطر، ويصبر. وأنت، هل أنت مستعد؟