تحليل حركة الذهب: ارتفاع جديد نحو 4,200 دولار في ظل توقعات خفض الفائدة | 11 نوفمبر 2025

المعدن النفيس يسجل مستويات قوية بدعم من البيانات الاقتصادية الضعيفة

شهد سوق الذهب نشاطًا ملحوظًا خلال جلسات التداول الأخيرة، حيث تمكن المعدن من الصعود التدريجي ليصل إلى مستوى 4,137 دولارًا للأوقية، قاربًا من أفضل أداء له خلال الثلاثة أسابيع الماضية. يأتي هذا الصعود في سياق متغيرات اقتصادية متعددة، حيث تراجعت بيانات التوظيف الأمريكية بشكل غير متوقع، وانخفضت ثقة المستهلك إلى مستويات لم تُسجل منذ سنوات. بالتزامن معه، ظهرت إشارات من صناع السياسة النقدية تشير إلى احتمالية توسيع برامج التيسير النقدي خلال الأشهر القادمة، مما يعزز الطلب على الملاذات الآمنة.

آفاق خفض الفائدة الأمريكية تفتح الباب أمام صعود إضافي

حسب أدوات تسعير السوق الموثوقة، يراهن المستثمرون بنسبة 64% على خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع ديسمبر المقبل. بعض مسؤولي البنك الاحتياطي يرجحون خفضًا أعمق قد يصل إلى 50 نقطة أساس، خاصة مع تراجع معدلات التضخم وارتفاع مستويات البطالة. هذا السيناريو يعتبر بيئة مثالية للذهب، حيث أن السياسات الميسرة تضعف قيمة العملة الأمريكية وتقلل العوائد الحقيقية على الأصول ذات الدخل الثابت، ما يجعل الاستثمار في المعادن النفيسة وسلاسل ذهب الاستثمارية خيارًا أكثر كفاءة للحفاظ على رأس المال.

استقرار سياسي نسبي لكن المسار الاقتصادي يبقى هشًا

بعد انقطاع طويل استمر أكثر من شهر، عادت المؤسسات الفيدرالية الأمريكية للعمل بعد موافقة على حزمة تمويلية جديدة. بينما يخفف هذا التطور بعض الغموض السياسي، إلا أن التحديات الاقتصادية الحقيقية لم تختفِ. البيانات التي صدرت بعد انتهاء الإغلاق أظهرت ضعفًا واضحًا في سوق العمل وفقدانًا لثقة المستهلكين، وهو ما يعزز الحاجة للملاذات الآمنة ويدعم الطلب على الذهب كأداة تحوط استراتيجية.

مؤشرات اقتصادية تعكس تراجعًا في المعنويات

انخفض مؤشر ثقة المستهلك إلى 50.3 نقطة في نوفمبر الحالي، وهو أدنى مستوى لم يُسجل منذ ثلاث سنوات ونصف. قطاع التوظيف أظهر ضعفًا ملموسًا، مع تراجع التعيينات في القطاعات الحكومية والتجزئة بشكل ملحوظ. البيانات من جهات أبحاث مستقلة أشارت إلى توظيف خاص بحدود 42,000 وظيفة فقط، رقم يعكس تباطؤًا اقتصاديًا حقيقيًا. هذا المناخ العام يدفع المستثمرين نحو البحث عن حماية لمحافظهم، مما يرفع الطلب على الذهب كأصل لا يتأثر بتقلبات الأسواق المالية.

توقعات جي بي مورجان: الذهب قد يتجاوز 5,000 دولار عام 2026

في تقارير بحثية أخيرة، أشارت كبرى المؤسسات المالية العالمية إلى أن الذهب قد يشهد ارتفاعًا استثنائيًا يتجاوز مستوى 5,000 دولار للأوقية في السنة القادمة. يستند هذا التقدير إلى عوامل هيكلية عميقة، منها: زيادة مطردة في مشتريات البنوك المركزية العالمية، خاصة في الدول الناشئة التي تسعى لتنويع احتياطاتها وتقليل الاعتماد على الدولار الأمريكي. مع استمرار الضغوط الجيوسياسية وعدم اليقين الاقتصادي العام، يتحول الذهب تدريجيًا من أداة تداول قصيرة الأجل إلى مكون أساسي في المحافظ الاستثمارية طويلة الأجل.

التحليل الفني: المقاومات والدعم الرئيسية

تتحرك أسعار الذهب ضمن اتجاه صاعد متوسط المدى، بعد أن ارتدت بقوة من مستوى دعم حيوي عند 3,928 دولارًا في الأسابيع الماضية. اليوم، يختبر المعدن مستويات المقاومة التقريبية عند 4,145 و4,180 دولارًا، وهي نقاط حاسمة قد تحدد مسار الحركة اللاحقة. اختراق واضح لهذه المستويات قد يفتح الطريق نحو اختبار القمة السابقة قرب 4,381 دولارًا.

من ناحية المؤشرات التقنية، يسجل مؤشر القوة النسبية (RSI) قراءة 75 نقطة، مما يعكس حالة تشبع شرائي في المدى القريب جدًا. لكن، لوحظ تباين إيجابي بين حركة السعر والمؤشر، حيث تشكل قيعان متزايدة بينما تتحرك الأسعار بشكل أفقي نسبيًا، وهذا يشير إلى استمرار قوة البيع الأساسي في السوق. حجم التداول يظهر تحسنًا تدريجيًا يصاحب الارتفاعات الأخيرة، مما يؤكد دخول أموال جديدة وحقيقية إلى السوق.

مستويات الدعم الحرجة:

• 4,046 دولارًا: دعم قريب وقوي يجب الحفاظ عليه
• 3,928 دولارًا: دعم استراتيجي محوري
• 3,470 دولارًا: دعم بعيد يشير إلى تصحيح عميق

مستويات المقاومة الرئيسية:

• 4,145 دولارًا: حاجز مباشر أمام الصعود
• 4,200 دولارًا: مقاومة محورية
• 4,381 دولارًا: قمة سابقة مهمة
• 4,500 دولارًا: هدف تقني مستقبلي

السيناريوهات المتوقعة في الأيام القادمة

في السيناريو الأساسي الإيجابي، من المتوقع أن يواصل الذهب محاولاته للصعود، مع اختبار نطاق 4,145–4,200 دولارًا خلال جلسات اليوم والغد. كسر هذه المقاومات بإغلاق قوي قد يسرع الطريق نحو هدف 4,300 دولارًا. السيناريو البديل، وإن كان أقل احتمالًا حاليًا، يتضمن ضغوطًا بيعية تردّ الأسعار نحو مستويات الدعم، خاصة إذا ظهرت بيانات اقتصادية أمريكية إيجابية بشكل مفاجئ.

أداء المعادن النفيسة الأخرى يتحرك بخطى متفاوتة

شهدت الفضة ارتفاعًا إلى ما يقارب 50.9 دولارًا للأوقية، مستفيدة من الزخم العام في قطاع المعادن النفيسة، لكن البقاء تحت رحمة الطلب الصناعي يحد من وتيرة ارتفاعها. البلاتين تداول حول 1,584 دولارًا للأوقية بدعم من تعافي الطلب من قطاع السيارات والصناعات التحويلية. البلاديوم، من جهته، عزز مكاسبه نحو 1,435 دولارًا للأوقية، مستفيدًا من تحسن سلاسل التوريد العالمية.

بشكل عام، يستفيد سوق المعادن النفيسة من عدم اليقين الاقتصادي وضعف الدولار، لكن الذهب يبقى النجم الأساسي بفضل دوره كملاذ آمن تقليدي وسط تزايد الرهانات على سياسات نقدية ميسرة.